أسس الرضا الوظيفي وأساليب قياسه
يعتبر الرضا الوظيفي من أكثر مواضيع علم الإدارة غموضا، ذلك لأنه حالة
انفعالية متعلقة بالموارد البشرية يصعب فهمها، ناهيك عن قياسها بكل
موضوعية، ولعل هذا الغموض أدى إلى ظهور المئات من البحوث والدراسات حول هذا
الموضوع، فقد أجريت سنة 1976 أكثر من 3350 دراسة في الولايات المتحدة
الأمريكية فقط تناولت الرضا الوظيفي، فمنهم من اعتبر الرضا الوظيفي كمتغير
مستقل يؤثر في سلوك العمال كالأداء، التغيب، دوران العمل والاتصال، وأحيانا
أخرى كمتغير تابع يتأثر بالأجر والرواتب ونظام المنح والمكافآت وهيكل
السلطة ونظام اتخاذ القرارات، إضافة إلى عدم اتفاق الباحثين على تعريف دقيق
للرضا الوظيفي مما أدى إلى تعدد نواحي الدراسة.
خضع مفهوم الرضا
الوظيفي لرؤى فكرية عديدة مستمدة من التطورات في العوامل البيئية الخاصة به
والمجسدة له، ولهذا تباينت أفكار الباحثين حيال صياغة تعريف محدد للرضا
الوظيفي، ويعود هذا التباين إلى تعرض بعض المهتمين به وفقا لطبيعة
تخصصاتهم، ومن هذه التعاريف:
- تعريف طلعت إبراهيم لطفي: " الرضا
الوظيفي هو مجموعة المشاعر الوجدانية الإيجابية التي يشعر بها الفرد اتجاه
عمله أو وظيفته، والتي تعبر عن مدى الإشباع الذي يحققه العمل بالنسبة
للفرد"
- تعريف فروم: " الرضا الوظيفي اتجاه إيجابي من الفرد إلى عمله الذي يمارسه"
-
تعريف ستون: " الرضا الوظيفي هو الحالة التي يتكامل فيها الفرد مع وظيفته
وعمله ويصبح إنسانا تستغرقه الوظيفة، ويتفاعل معها من خلال طموحه الوظيفي
ورغبته في النمو والتقدم وتحقيق أهدافه الاجتماعية من خلالها"
- تعريف مركز البحوث بجامعة ميتشجان: " الرضا الوظيفي هو ذلك الارتياح الذي يستخلصه العامل من الأوجه المختلفة لانتمائه للمشروع"
- تعريف WILLIAM.Jوآخرون:" الرضا الوظيفي هو الفرق بين ما ينتظره الفرد من عمله وبين الشيء الذي يجده فعلا"
وفي
ظل ما سبق يمكن تعريف الرضا الوظيفي بأنه : "رد فعل شعوري (الاستجابة)
للفرد بمقدار ما تشبعه مكانته المادية والاجتماعية من خلال انتمائه للمنظمة
حسب توقعه وطبيعة شخصيته".
آثار عدم الرضا الوظيفي
لعدم الرضا
الوظيفي آثار سلبية على المنظمات، والتي تظهر من خلال الغياب، دوران العمل
التمارض، الإصابات، الشكاوى، الإضراب واللامبالات.
- الغياب ودوران
العمل: يشكل الغياب ودوران العمل ظاهرتين مكلفتين بالنسبة لأي منظمة مهما
كانت صفتها، فهما تؤديان إلى زيادة العمالة وبالتالي تخفيض الإنتاجية ومن
ثم مرودية العامل من جهة، ومن جهة أخرى التكاليف التي تتكبدها المنظمة
حينما تصرف أموالها في توظيف وتدريب من يحل محل التاركين للوظيفـة أو
المتغيبين عن العمل.
العوامل الشخصية :وتشمل العوامل الشخصية: السن،
الحالة الصحية، الجنس، الحالة العائلية، المستوى التأهيلي الأقدمية،
النشاطات الشخصية بالعمل وظروف السكن والمواصلات.
العوامل المهنية:
وتحتوي تأثير مستوى العمل بمختلف أنواع الإنتاج، مستويات التأهيل، تأثير
ظروف أداء المحيط وأوقات العمل ثم تأثير الظروف الاجتماعية للعمل والتي
تشمل نمط الاتصال وطريقة المكافأة، إلى جانب كل الإجراءات ذات التأثير
النفسي كالمعاملة والإشراف وجماعة العمل.
وقد أكد بعض الباحثين على وجود
علاقات قوية بين عدم الرضا الوظيفي ومعدل الغياب وأن ارتفاع مستوى الرضا
يؤدي إلى انخفاض نسبتي التغيب والتسرب، وهذا ما أكدته دراسات أقيمت في شركة
" هارفستر أنترناشيونال" حيث توصل الباحثون إلى معدل ارتباط سالب بين
الرضا ومعدل الغياب قدره (-0.25) وفي دراسـات أخـرى (-0.38)
التمارض والإصابات: وهي وسائـل الانسحاب غير المباشر من العمل عن طريق اتخاذ الذرائع والحجـج.
الشكاوى والإضراب واللامبالاة : الشكاوى والإضراب واللامبالاة وسائل احتجاجية يتخذها العمال كرد فعل على عدم الرضا الوظيفي .
ثانيا
: الإضراﹶب : يعتبر الإضراب من أقوى مؤشرات عدم الرضا حدة، حيث يعبر عن
التذمر وحالة من الفوضى والإهمال التي يعيشها العامل داخل المنظمة ويلجأ
العمال إلى هذا الشكل (الإضراب) سواء كانوا في جماعة صغيرة أو كبيرة العدد،
ردا على الوضعية التي يعيشونها (الأجر المنخفض، طرق الإشراف، الترقية..)
عاكسا لطموحهم وتطلعهم إلى زيادة الأجر، تحسين ظروف العمل أو المطالبة
بالتغيير وغيرها
والإضرابات لا تتسبب في الخسائر للمنظمة فقط، بل تتسبب
حتى في عدم الاستقرار لاقتصاديات البلدان أيضا – تبعا لقوة ووعي النقابات
العمالية خاصة –؛ فعلى سبيل المثال بلغ عدد الإضرابات في الولايات المتحدة
الأمريكية في العشرية الممتدة بين سنتي 1988-1998، قرابة 3210 إضرابا، شارك
فيه 2303000 عامل، وكان سببا في خسارة قومية قدرت بـ 33410000 يوم عمل.
التخريب
:المسؤولون عادة يحافظون على صيانة الآلات من الأعطال كي لا تؤثر على
سلامة المنتجات وتجهيزات المنظمة، غير أنهم لا يدركون أن حجر الزاوية في
المنظمة هو العامل، وأن انخفاض درجة الرضا ينعكس على مدى اهتمامه وانضباطه
أثناء تأديته بدورهما إلى قيام العامل بتخريب أدوات الإنتاج، أو حتى إلحاق
الضرر بالمنتج ذاته .
والخلاصة أنه من أجل القضاء على هذه الآثار أو على
الأقل التخفيف منها، وجب الاهتمام بتحسين الظروف المادية المحيطة بالعامل
(الإضاءة، التكييف، الحرارة، الغبار...) وبيئة العمل الاجتماعية (العلاقات
مع الرؤساء، الزملاء، الأنظمة العمالية ....)، وكل ما يتعلق بواقع العمل
وحاجاته ورغباته لأن هذه الآثار تؤدي إلى إضعاف المنظمة وزيادة تكاليفها .
لواجباته مما ينجر على ذلك وقوعه في حالات من الإهمال واللامبالاة في
العمل.
منقول للفائدة