العناصر العلمية الأساسية لتحديد الميول المهنية
أ. ضياءالدين عادل
من خلال عديد من
الأبحاث العلمية التى قام بها متخصصين فى مجال علم النفس عامة وعلم النفس
الصناعي خاصة، أمكن تحديد الأسس العلمية للميول المهنية والتى بناءاً عليها
يمكن للأفراد فى نهاية مرحلة المراهقة اختيار المجال الأكاديمي ومن ثم
التخصص العملي، وكانت من أبرز العناصر الأساسية لكيفية الاختيار المهني ما
يلى:
1) النضج المهني
ويعرف النضج المهني بأنه مستوى تكون
التوجه نحو الاختيار المهني لدى الفرد. فعلى سبيل المثال: عندما أجرى جون
هولاند John Holand أحد أبرز الباحثين فى مجال علم النفس الصناعي تحليل
للعناصر المهنية لمختلف المهن على المستويين العملي التطبيقي، والنظري
الأدبي، وقد وجدا كل مهنة تتطلب توافر مهارات وسمات شخصية مختلفة، فنجد أن
المهن ذات الطابع الاجتماعي كالتعليم، والرعاية الاجتماعية، تتطلب مهارات
إتقان التواصل الاجتماعي، بينما المهن ذات الطابع العملي، مثل الهندسة،
وبرمجة الحاسب الآلي، تتطلب مهارات الملاحظة التقنية، والدقة فى القيام
بالمهام العقلية، كذلك المهن ذات الطابع الحسابي، كالمحاسبة المالية تتطلب
مهارات القدرة على الاستدلال الحسابي، كما أن المهن ذات الطابع الفني،
كالرسم، أو التمثيل الدرامي المسرحي، أو التأليف القصصي ، تتطلب مهارات
إتقان التعامل مع الأفكار، والتفكير الإبداعي، ويتفاوت الأفراد من حيث
قدراتهم على إتقان هذه المهارات والقدرات العقلية، والسمات الشخصية، مما
يعنى أنه ليس بالضرورة وجود قدرة أفضل من أخرى، فلا يعني أنه حينما يتقن
فرد ما التعامل مع العمليات الحسابية بكفاءة عالية، أنه لا يجيد التعامل مع
الآخرين، إنما هى مستويات متباينة ومتفاوتة من مهارة إلى أخرى ومن قدرة
إلى أخرى.
]2) الميل المهني يختلف الميل المهني عن النضج المهني، ففى حين يتطلب النضج المهني
اختيار التخصص العلمي والعملي وفقاً لمستوى القدرات العقلية والوظائف
المعرفية، يتجه الميل المهني نحو تحديد اختيار الأفراد لتخصصاتهم وفقاً
لسماتهم الشخصية ومهاراتهم الاجتماعية، وتفضيلاتهم الذاتية. فقد لا تتسق
رغبات وطموحات الفرد أو (الطالب) مع ميوله الذاتية نحو التخصص الأكاديمي
والمجال العملي، فعلى سبيل المثال قد يتفوق الفرد أو (الطالب) فى القدرة
على القيام بمختلف العمليات الحسابية بمهارة وسرعة فائقة، إلا أنه لا يميل
للعمل المكتبي كمحاسب فى هيئة ما أو شركة ما، حيث أن طبيعة سماته الشخصية
تجعله أكثر ميلاً للحركة والتواصل الاجتماعي، والعكس صحيح. وبناءاً على ذلك
استطاع العلماء وضع اختبارات لتحديد درجات أو مستويات ميول الفرد أو
(الطالب) المهنية وميوله فى التعامل مع التخصصات المتباينة، بحيث تفيد
الدرجة على أحد هذه الاختبارات فى تحديد المهارات التى يتقنها ويميل الفرد
أو (الطالب) إليها أكثر من غيرها، ثم يتم مقارنة درجاته مع المهن والتخصص
التى تم تحليلها، ومن ثم يتم إرشاد الفرد أو (الطالب) إلى التخصص الأكاديمي
الذى يتفق والميل المهني له، ومثل هذا الإجراء المتمثل فى اختبارات الميول
المهنية، ترشد الطالب إلى التخصص الذى يناسبه واحتمالات نجاحه وتميزه فيه
أكثر من أى تخصص أخر لا يتناسب مع ميوله.
3) الاختيار المهني ويعرف بأنه القرار الذى يكونه الفرد أو (الطالب) بعد توافر كافة
المعلومات لديه حول التخصص الأكاديمي كهدفاً مرحلياً، والمجال العملي الذى
يسعي إلى اتخاذه هدفاً ممتداً طوال حياته.
4) المعلومات المهنية وهى تمثل أحد أبعاد الأسس العلمية لتحديد الميول والتخصصات المهنية، حيث
يتوصل الفرد أو (الطالب) من خلال استشارة المتخصصين حول المجال المهني إلى
كافة المعلومات التى تساعده على اتخاذ قراره نحو التخصص الأكاديمي والمجال
العملي المطلوب، هذا بالإضافة إلى أن هذه المعلومات تساعد الفرد أو
(الطالب) على وضع الخطط المستقبلية نحو مجاله المهني، فمدي معرفة الفرد أو
(الطالب) بالعناصر التفصيلية للتخصص الأكاديمي، والمهني، تساعده بشكل ملحوظ
على اتخاذ قراره نحو الاختيار المناسب، فمدى معرفة الفرد أو (الطالب)
والإلمام بالعناصر التفصيلية بالمهن التي يمكنه أن يلتحق بها، وخاصة فيما
يتعلق بمطالبها ومستوياتها والإعداد لها، يساعده على اختيار التخصص
الأكاديمي المناسب وذو المؤهل العلمي المتفق والمهنة التى يرغبها. كما
تساعد المعلومات المهنية على النضج المهني لدى الفرد أو (الطالب) والذى
بدوره يسهم فى تشكيل ما يعرف بالخطة المهنية وهى تلك الخطوات التى يضعها
الفرد أو (الطالب) لكي يحدد مستقبله المهني، ومدى ما فى هذه الخطة من
تفاصيل ملائمة له، ولقدراته العقلية، وسماته الشخصية.
5) التطابق فى الاختيار المهني ويظهر هذا العُنصر فى التماثل والالتقاء بين قدرات الفرد أو (الطالب)
العقلية، وسماته الشخصية من ناحية، وبين التخصص الأكاديمي والمهنة العملية
المرتبطة بهذا التخصص من ناحية أخرى، كما يظهر فى عدم تغير المهنة التى
يختارها الفرد وثباته واستقراره فيها لفترة طويلة، ما لم يكن هناك عوامل
دافعة لتغيرها.
6) التفصيلات المهنية الواقعية وتتمثل فى المعرفة التفصيلية بالمهنة ومجال التخصص الأكاديمي المرتبط
بها، كما هى متواجدة فى واقع الفرد أو (الطالب) المجتمعي، ومن بين هذه
التفصيلات ما يلي:
1. المسمي الوظيفي للمهنة قانونياً.
2. متطلبات المهنة التربوية أو الأكاديمية الدراسية.
3. المستوى المادى المرتبط بها.
4. المكافآت المادية والمعنوية المرتبطة بها.
5. الخبرات العملية المرتبطة بها.
6. مدى توافر فرص العمل فى هذه المهنة حاضراً ومستقبلاً.
7. الصعوبات المرتبطة بها.
8. عدد ساعات العمل المرتبطة بها.
9. مدى انتظام طبيعة العمل من عدمه.
10. المسئوليات الأخلاقية والمهنية والقانونية المرتبطة بها.
11. مدى الترابط بين المهنة وغيرها من المهن الأخرى.
12. طبيعة الخدمات الأساسية التى تقدمها المهنة ولمن سواء لأفراد أو مجموعات.
13. ضرورة التحديث العلمي ومواكبة التطورات والحديث فى المجال المهني المختار، من حيث حضور المؤتمرات العلمية، والدورات التدريبية.
14. مدى الاستفادة من الخبرات العملية المرتبطة بمزاولة المهنة حاضراً ومستقبلاً.
15. هل يتم العمل فى هذه المهنة بشكل منفرداً أم ضمن فريق عمل؟
ومن ثم كافة هذه العناصر وغيرها من العناصر الأخرى تفيد فى اتخاذ قرار التخصص الأكاديمي، وبالتالي المهنة المرتبطة به.
ويرى بعض الباحثين أن التخصص الأكاديمي والمجال المهني يمكن تحديدهما
بالاتساق بين كل من ميول ورغبات الفرد أو (الطالب) من ناحية، وبين قدراته
العقلية العليا من ناحية أخرى، وبهذا التناغم بين قدرات الفرد أو (الطالب)
العقلية، وسماته الشخصية، وميوله المزاجية، يمكن اختيار التخصص الأكاديمي،
ومن ثم المجال العملي للفرد أو (الطالب).
7) قائمة الاختيار المهني
وفى هذا الصدد صمم الباحثين فى مجال علم النفس الصناعي، مجموعة من
الاختبارات والمقاييس لفحص وتحديد الميول المهنية لدى الفرد أو (الطالب)،
وفيما يلي مثال لإحدى أهم اختبارات تحديد الميول المهنية والمعروف علمياً
باسم (قائمة الاختيار المهني)، وهو أحد اختبارات الإرشاد التعليمي والذى
يهدف من خلال نمط ونوعية بنوده ومجالها إلى مساعدة الفرد أو (الطالب) على
تحديد ميوله المهنية ومن ثم الأكاديمية، ويتكون الاختبار فى صورته الأساسية
من ستة أجزاء، يشمل كل جزء منها اثني عشر بنداً يتم الإجابة عليها باختيار
بديل واحد فقط من ثلاثة بدائل للإجابة، والدرجة النهائية على هذا الاختبار
تمثل ميل الفرد أو (الطالب) للمجال المهني والتخصص الأكاديمي المرتبط به.
المصدر